الحمد لله الملك العظيم، وتبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير، الذي
علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم. والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، سيدنا
محمد المبعوث رحمة للعالمين، عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم. أحمده
معترفاً بالعجز والتقصير، واشكره أن أعان ويسَّر كل عسير، فهذا العمل إن لم يأته
نقص من بين يديه فمن خلفه، ومَّا أَصَابَهُ من حَسَنَة فَمِنَ اللّه وَمَا أَصَابَهُ
مِن سَيِّئَة فَمِن نَّفْسي. حظي التقويم اللغوي باهتمام
واسع من قبل الفلاسفة والعلماء اللغويين، نظراً لأهمية اللغة ومكانتها، فهي سرّ
إنسانية الإنسان التي أتاحت تبادل الخبرات وتناميها وتوارثها من جيل إلى جيل.
يعدّ التقويم اللغوي مقوماً أساسياً من مقومات اللغة،
حيث يواكب عمليتي التعلم والتعليم، ويعكس صورة النظام التعليمي اللغوي من مدخلات
وعمليات ومخرجات، بما تتضمنه من أهداف وأساليب ووسائل ونتائج، فهو لا يقتصر على
وصف الوضع الراهن فحسب، وإنما يتعدى إلى التشخيص والعلاج. وهو بذلك وسيلة لتحسين
عملية التعلم والتعليم وتطويرها، ولهذا ينبغي إيلاء عملية التقويم اللغوي أهمية
خاصة من حيث التخطيط له، وإعداد أدواته والإفادة من نتائجه. لكي يتمكن المعلم
والمتعلم من تعرف مدى تحقيق الأهداف المرجوة منه، واتخاذ القرارات اللازمة من أجل
التطوير والتحسين.
والتقويم التربوي بشكل عام
والتقويم اللغوي بشكل خاص من المفاهيم التي ارتبطت في أذهان الطلبة بأنه عملية
إصدار أحكام عليهم من جانب المعلمين الذين يمارسون سلطتهم المعتادة. غير أنه حدثت
في الآونة الأخيرة تحولات جوهرية في الفكر التربوي في ما يتعلق بهذه النظرة
التقليدية لعملية التقويم، وكيفية انتقال السلطة فيها من المعلم إلى المتعلم.
وإذا أُريد للغة أن تؤدي
وظيفتها بأقصى ما يمكن من الفاعلية، فمن الضروري الاهتمام بالتقويم اللغوي
وتطويره. ويقصد بالتقويم أنه عملية الحصول على معلومات تستخدم في اتخاذ قرارات
تربوية بشأن الطلبة،
وتعدّ النظرية البنائية أحدث ما عرف من نظريات
في التربية. وظهرت هذه النظرية نتيجة لتحول رئيس في البحث التربوي في العقدين
الماضيين، فقد تحول التركيز من العوامل الخارجية التي تؤثر في تعلم المتعلم مثل
متغيرات المعلم، والمدرسة، والمنهج، وغيرها من العوامل، ليتجه نحو العوامل
الداخلية التي تؤثر في هذا المتعلم. واهتمت البنائية أيضاً على ما يجري بداخل عقل
المتعلم حينما يتعرض للمواقف التعلمية التعليمية مثل معرفته السابقة، وقدرته على
معالجة المعلومات، ودافعيته للتعلم، وأنماط تفكيره، وكل ما يجعل التعلم لديه ذا
معنى.
وما هذا الكتاب إلا محاولة لبناء لبنه جديدة
تضاف إلى ما قدمه الآخرين، بكلّ ما تضمنه من معارف وخبرات صقلتها التجربة
والممارسة ،مستندة إلى نتائج البحوث النفسية والتربوية في ميادين اللغة وتقويمها.
فلابد من تضافر الجهود وتعاونها للارتقاء
بتعليم اللغة العربية في مدارسنا وتطوير وتحسين أساليب تقويمها وتدريسها حفاظاً
على القران الكريم.
وقد وقع الكتاب في ستة فصول.
بحث الفصل الأول في: مقدمة عامة عن التقويم
التربوي ومفهومه، وأهميته، والتقويم اللغوي مفهومه وأهميته، وأغراضه، ومستوياته،
وتضمن كذلك أغراض التقويم العامة، وسمات التقويم الجيد،ووظائف التقويم، وتضمن
أيضاً التقويم الواقعي وأهدافه، وضم بين جوانبه أنواع التقويم ومجالاته والذكاء
والميل والاستعداد، وكذلك القياس ومفهومه، والفرق بينه وبين التقويم.
أما الفصل الثاني: فقد تناول موضوع
استراتيجيات التقويم اللغوي وهي: استراتيجية الورقة والقلم(Pencil And Paper strategy) وتناولها من حيث: مفهومها، وأراء العلماء فيها، والاختبارات
وأنواعها. وتناول أيضا استراتيجية الملاحظة (Observation strategy) من حيث: مفهومها، ومميزاتها، ومتطلباتها، وأنواع الملاحظة،
وخطوات تصميمها، ومثال توضيحي على تطبيقها في اللغة. كما ناقش هذا الفصل استراتيجية
التقويم بالتواصل(Communication
strategy) من حيث: مفهومها، والفعاليات التي تندرج تحتها، ودور المعلم والمتعلم
فيها، وخصائصها، وخطوات تصميمها، ومثال توضيحي على
تطبيقها في اللغة. كما أشتمل على استراتيجية مراجعة الذات (Reflection strategy) من حيث: مفهومها، وخصائصها، وخطوات
تصميمها، وفوائدها، ومثال توضيحي على تطبيقها في اللغة. وأحتوى أيضاً على
استراتيجية التقويم المعتمد على الأداء(Performance Based Evaluation strategy) من جوانب عده كالمفهوم، والفعاليات التي تندرج تحتها، وخصائص
التقويم المعتمد على الأداء، ودور المتعلم والمعلم فيها، وخطوات تطبيقها، ومثال
توضيحي على تطبيقها في اللغة. وأشتمل أيضاً على استراتيجية تقويم الأقران (Peer Evaluation strategy) فوضح مفهومها،وذكر فوائد تقويم الأقران، وأهميته، والصعوبات التي تواجهه،
وملامح التقويم بهذه الاستراتيجية، ومثال توضيحي على تطبيقها في اللغة. ولم
ينسى استراتيجية حقيبة الإنجاز التقويمية (Portfolio Evaluation strategy) فقد تناول مفهومها، وميزاتها، وأسباب
ظهورها، وأغراض التقويم بها، وخطوات بناء حقيبة الإنجاز التقويمية، والصعوبات التي
تواجه حقيبة الإنجاز. واشتمل هذا الفصل على كفايات المُقوم، ودليل تطبيق
استراتيجيات تقويم التعبير الكتابي.
وبحث الفصل الثالث في التعبير
الكتابي وتضمن: مقدمة عن التعبير الكتابي، ومفهوم التعبير بشكل عام والتعبير
الكتابي بشكل خاص، وأهمية التعبير
الكتابي،وأقسام التعبير ومجالاته، وطبيعة التعبير، وعملية الكتابة ومراحلها،
وصعوبات تعلم الطلبة مهارات الكتابة، ومشاكل الطلبة في التعبير الكتابي، والنتاجات
العامة والخاصة لمهارة الكتابة، ومهارات التعبير الكتابي، ومجالات اختيار موضوع
التعبير، وعلاقة التعبير الكتابي بمهارات اللغة الأخرى، وكذلك علاقته بالتفكير، والقواعد
العامة للكتابة الفعالة، وتقويم التعبير الكتابي، ومعايير الحكم على الكتابة
النوعية.
وتناول الفصل الرابع: التفكير
والتفكير التأملي من حيث: مفهوم التفكير لغة واصطلاحاً، وميزات التفكير الجيد
وخصائصه ومعوقاته، وسمات المُفكّر، ومهارات التفكير، ومعايير التفكير، والتفسير
العلمي لعملية التفكير، ومراحل توليد الفكرة، وعوامل نجاح تعلم التفكير،
واستراتيجيات تعلم مهارات التفكير. وأشتمل هذا الفصل على التفكير التأملي، مفهومه
وخصائصه، وأهميته، ومراحله، ومستوياته، ومحاوره، وأبعاده، والعمليات العقلية
المتضمنة به، ومعايير ديوي للتأمل، وقابلية التفكير التأملي للتدريب، وطرق تعزيزه،
واستراتيجيات تنميته، وعلاقة التعبير الكتابي بالتفكير التأملي.
المؤلف
وتضمن الفصل الخامس: دراسات
تقويمية في الأداء اللغوي والتفكير التأملي وتضمن تمهيد للفصل، ودراسات تناولت
حقيبة الإنجاز التقويمية في التعبير الكتابي، وأخرى تناولت تقويم الأقران في
التعبير، ودراسات تناولت التفكير التأملي في التعبير الكتابي، وأشتمل على تعقيب
على هذه الدراسات.
أما الفصل السادس وتضمن دراسة
تطبيقية لفاعلية استراتيجية التقويم اللغوي في تنمية مهارات التعبير الكتابي والتفكير
التأملي لدى طلبة المرحلة الأساسية العُليا في الأردن، وتناول: مشكلة الدراسة،
وعناصرها، وفرضياتها، ومتغيراتها، وتصميم الدراسة، والمعالجة الإحصائية، وأهميتها،
وتعريفاتها الإجرائية، ومحدداتها، وأفراد الدراسة، وأدواتها، ونتائجها، والتوصيات
التي توصلت إليها الدراسة.
الدكتور أكرم
صالح خوالده
عمان الأردن